كيف يكتسب الأطفال اللغة.
تعد اللغة الأم جزء الروابط المهمة التي ً من كيان الذات ، ومكونا من أهم مكونات الهوية ، ومن
تؤدي إلى متاسك الأمة ، وهي تعكس صورة الأمة بكل جوانبها الاجتامعية والعقلية والانفعالية والسياسية
والفكرية .
ولقد كرم الله الإنسان بهذه الميزة لتكون أداة اتصال في غاية الأهمية للتواصل والتفاهم بني بني
البشر ، وقال الله تعالى على لسان النبي موسى (قال رب اشرح لي صدري ، ويسر لي أمري، وأحلل عقدة
من لساين يفقهوا قولي) سورة طه آية ٢٥-٢٨
ويعد اكتساب اللغة من الموضوعات المهمة في علم النفس التطوري ، وعلم النفس اللغوي، وهي من
المساقات المهمة في قسم السمع والنطق، وعندما يشخص أخصايئ السمع القصورفي الجهاز السمعي فإن
ذلك يكون مؤشرا سلبيا على إكتساب اللغة الأمر الذي يبعث على التدخل المبكر ، وكلام كان التدخل
مبكرا كلام كان فاعلاً . قد يتطلب الأمر في بعض الأحيان زراعة القوقعة الحلزونية إذا كانت المشكلة في
الأذن الداخلية، وكلام كانت العملية مبكرة كلام ساعد ذلك على إكتساب اللغة الأم أو اللغة الطبيعية.
ويستطيع الطفل أن يقدم نفسه إلى الآخرين من خلال أمنـاط سـلوكية أو إجتامعيـة، يسـتعني عـلى
تحديدها باللغة . ّ إن هذا التفاعل قد يؤدي إلى إدراك كل منهام الآخر .
إن الطفل يفهم أولا لغة الآخرين من الراشدين حوله، ومـن ثـم يسـتخدم هـذه اللغـة. والأطفـال لا
ً مـن الحـدث اللغـوي نفسـه
يتعلمون اللغة مبجرد استامعهم إلى كلام الآخرين ، ولكن بسبب كونهم جزء
يتم الحديث معهم ، ويستجيبون للمحيط من حولهم .
يبدأ اكتساب اللغة عند الأطفال في بداية الأمر من خلال الأصوات ، ثم تتاميز هذه الأصوات لتصبح
ُب )
جملاً نحوية ذات معنى . علامً أن الأصوات إ ذا تغريت تغريت دلالة الكلمة مثل (كََت َب ، كُِت َب ، كُتـ
فالأولى فعل ماض مبني للمعلوم والثانية فعل ماض مبني للمجهول والثالثة جمع تكسير لكلمة كتاب .
ويتفق أكرث المهتمني باللغة على أن مرحلة الطفولة المبكرة هي مهمة جدا في اكتساب الطفل اللغة
بإصولها وقواعدها، وهناك من عدها قدرة فطرية تولد عند الطفل كام هو الحال بالنسبة لقدرة الطفل
على الرؤية والسمع. ويعتبر العامل اللغوي المعروف عالميا جامسيك(Chomsky (أول من أكد ذلك في
نظريته التوليدية التحويلية الحديثة. ويرى أن اللغة يجب أن تكتسب خلال السنوات الخمس الأولى ،
وإذا مل يكتسب الطفل اللغة خلال هذه السنوات الخمس لأي سبب كان فأنه من الصعب عليه اكتسابها
لاحقا لأن هذه القدرة المخلوقة تأخذ بالضمور .
إن مرونة المخ وطواعيته قبل فترة البلوغ متكن الأطفال من اكتسابها اللغة الأم ولا غرابة بأنهم
يكتسبون نطقا صحيحا خلال مرحلة الطفولة يشبه نطق المتحدثني الأصليني، بينام لا يستطيع الكبار فعل
ذلك .
يتطلب النموالسليم للغة سلامة الأعضاء الحسية وخصوصا الحاسة السمعية، وسلامة الجهاز العصبي
إذ أن فهم وتكوين الكلام مبعاين تعبر عن الأفكار والمشاعر تحتاج إلى أداء دماغي سليم. كام يتطلب النمو
اللغوي السليم توافقا انفعاليا إذ أن تعرض الطفل لمشاكل نفسية تكون عائقا للتطور اللغوي السليم . كام
يفترض أن تكون هناك بيئة صحية توفر المنبهات المتنوعة للتطور اللغوي .
وقد أشار البوشيحي
(٢٠٠٢ (في هذا الصدد إلى أن هناك افتراضني في تفسري اكتساب اللغة هام :-
١ -يولد الطفل مزودا بجهاز فطري ميكنه من اكتساب اللغة، ويتحدد دور البيئة اللغوية في
تحفيز هذا الجهاز الفطري فقط .
٢ -يتكون هذا الجهاز الفطري من مبادئ كلية مشتركة بني بني البشر ، وبفضلها يتم اكتساب أي
لغة .
يظهر من ذلك إمكانية اكتساب أي لغة في العامل ما زالت مرتبطة بجهاز فطري أولا وكلية المبادئ
ثانية .
وقد أشار الخياط (٢٠٠٥ ّ (في هذا الصدد إلى الدراسات اللغوية التي أشارت إلى أن اللغة الطبيعية
(Language Natural (أو اللغة الأم (Language Native (تعتبر المحور الرئيسي المركزي الذي تستند عليه
ثقافات وتراث الأمم الحية والتواصل العلمي وتطوير سبل البحث العلمي، ولذلك جاءت النظريات
اللغوية في العصر الحديث مستخدمة الأسلوب العلمي المبني على الملاحظات الموضوعية المباشرة Direct(
(Observations Objective في تحليل التراكيب اللغوية ومكوناتها والظروف التي تستوجب استعاملها
ضمن مصدر المعلومة ومحيطها الحسي .
وهنا يفرق الباحث (الخياط) بني اللغة الأم والتي تعد مكتسبة (Language Acquired (واللغة
المتعلمة (Language Learned ،(ويعتبر اللغة المكتسبة ثابتة لا تنسى حتى إذا مل يستخدمها لفترة من الزمن
، بينام اللغة المتعلمة قد تنسى إذا مل تستخدم. ولعلي أشاطره القول ولكن بتعبري آخر هو المكتسب
وخاصة اللغة ميكن أن تتحول إلى موروث أي تصبح اللغة موروث مكتسب .
إن لغة الطفل في مراحله المختلفة هي مزيج بني ما هو مكتسب بالسليقة وما هو متعلم من البيئة،
والقدرة اللغوية تتأىت عن طريق الفطرة والخبرة والعمليات العقلية التي يقوم بها الفرد . لذلك فإننا ندعو
القامئني على التربية بشكل عام وتربية الطفل بشكل خاص بضرورة التركيز على البيئة الغنية الصحية
كحالة من التعويض والتي ميكن أن تتحول مستقبلا إلى فعل سليقي موروث، مع علمنا أن هناك علاقة
ترابطية بني اللغة والتفكري، فلا يستطيع الفرد بشكل عام أن يفكر أبعد من اللغة التي ميتلكها.
وميكن توضيح الفروق بني اللغة المكتسبة واللغة المتعلمة من خلال الجدول الآتي.
اللغة الأستقبالية :-
تتطور اللغة الإستقبالية عادة بشكل أسرع من اللغة التعبريية .
ومتثل اللغة الاستقبالية القدرة على فهم الامياءات والكلام والشفرات المكتوبة، وأول ما يفهم
الطفل الإمياءات ، أما الكلام فيبدأ فهمه كام يقول سلفرمان(٢٠٠٤ ,Silverman (بني عمر (٦-٩ (أشهر ،
وأول الكلامت التي يستجيب لها الطفل هو أسمه ولفظة ماما وبابا ولفظة (لا) وفي نهاية السنة الأولى
يبدأ الطفل فهم (باي باي)، كام يستجيب لبعض الجمل البسيطة. ويستطيع في عمر (١٨ (شهرا أن يؤ شر
إلى الأشياء المألوفة كالفم والأنف والوجه والأيدي، ثم تزداد المفردات التي يفهمها الطفل ويستجيب إليها
مبرور الزمن .
وقد يواجه الأطفال صعوبات في فهم الكلام ، وقد يكون السبب الرئيس لذلك فقدان القدرة
على السمع ، أو خلل في الدماغ .
لذلك فإن فاقد السمع عليه أن يتعلم اللغة غري اللفظية للتواصل مع الآخرين وبشكل أساسي لغة الأشارة وقراءة الشفاه
إن هؤلاء الأفراد الذين يعانون من صعوبات في اللغـة الاسـتقبالية يواجهـون صـعوبات في فهـم
اللغة المحكية، أو يستجيبون للآخرين بشكل غري ملائم أو كليهام، وهذا يؤثر بشكل كبري في التواصـل مـع
الآخرين . كام أنهم يواجهون صعوبات في فهـم واتبـاع التوجيهـات والتعلـيامت ، كـام أنهـم في الغالـب لا
يفهمون الجمل الطويلة والمعقدة، ويحتاجون بإستمرار إلى إعـادة التعلـيامت، ويجـدون صـعوبة في فهـم
المعاين المجازية للكلمات .
ومن مظاهر تأخر اكتساب مهارات اللغة الأستقبالية هي :
- لا يستجيب إلى الأصوات العالية والتي يستجيب اليها من هو في عمره.
- لا يعطي إنتباهأ إلى الأصوات المختلفة خلال الشهرين الأوليني كام يفعل أقرانه الذين
بنفس عمره .
- لا يلتفت إلى مصدر الصوت كام يفعل أقرانه الذين هم بنفس عمره .
- لا يحدد مصدر اصوت في عمر يؤهله لذلك.
- لا يستجيب لكلمة لا في حوالي منتصف السنة الأولى .
- لا يستجيب عند مناداته بإسمه في السنة الأولى من عمره .
- لا ينفذ الأوامر في نهاية السنة الأولى كام يفعل أقرانه الذين بنفس عمره .
إن صعوبات اللغة الاستقبالية تعد نوع من صعوبات التعلم ، وتكون نتيجة لأسباب وراثية أو
اصابات الدماغ أو الجلطة الدماغية .
وميكن للمقيم أن يزود الأفراد الذين يتعاملون مع الفرد معلومـات عـلى غايـة مـن الأهميـة في
كيفية التعامل مع هؤلاء الأفراد ومعالجتهم، لأن التقييم الدقيق يساعد في
اختبار الطرق المناسبة في العلاج اللغوي والذي يعتمد التدريب والتمرين في مواقف اجتامعيـة
لتحسني اللغة الاستقبالية، ويتطلب الأمر تعاون كبري بني البيت والمؤسسة التعليميـة، فقـد يشـترك أوليـاء
الأمور والمعلمني في وضع الأهداف والعمل معا لتحقيـق هـذه الأهـداف. ويجـب أن يحـرص الفـرد الـذي يتعامل مع الطفل الذي يعاين من صعوبات في اللغة الاستقبالية على تلاقي العيون عند التحـدث معـه أو
عند إعطاءه التعليامت والتوجيهات.
ويفترض أن تقدم المعلومات بشكل بسيط ومختصر ومبا يتناسب مع امكانيات الطفل .
وميكن أن نجزء المعلومات التي تعطى للطفل والتي تساعده على الفهم والاستيعاب ، وهذا يرتبط
ارتباطا وثيقا بزيادة دافعيته للإنتباه والاصغاء .
كام ميكن أن نعطي المعلومات للطفل شفاهيا وكتابيا في ذات الوقت ، وهذا ما يساعد على اشتراك أكرث
من حاسة مام يزيد من احتاملية الفهم .
ي الأفراد الذين يتعاملون مع الأطفال الذين يعانون من قصور اللغة الاستقبالية تكرار الكلام قدر ُنصح
المستطاع . كام يفترض أن يشجعوا الأطفال بترديد ما سمعوا دون اتباع اسلوب الضغط والإجبار .
يفترض تعزيز الطفل عند استفساره عن الغامض أو غري المفهوم . كام يفترض ان يعزز الطفل
عندما يكون مستمعا جيدا . ونحاول توفري الفرص المتعددة للاستامع من خلال أنشطة متعددة كالألعاب
وأفلام كارتون وبعض اللعب التي تتطلب مشاركة جماعية.
اللغة التعبيرية :-
وهي القدره على التعبري عن الأفكار والمشاعر والانفعالات بطرق متعددة ترتبط بشكل أساس
بالعمر الزمني إذ يعبر الطفل عام يجول في خاطره بالإمياءات والحركات واللغة الانعكاسية في بداية الأمر
حيت يبيك الطفل كتعبري عن الجوع أو الأمل أو عندما
يكون متوسخا ، ثم ينتقل إلى إستخدام الكلام أو كليهام معا ثم يعبر عن نفسه بالكتابة عندما
يتعلم القراءة .
ومن مظاهر تأخر مهارات اللغة التعبريية :-
- لا يعبر عن ألمه أو عدم ارتياحه بالبكاءأو بأصوات أخرى تدل عليها في الأشهرالأولى من عمره .
- لا يستخدم صوتاً يدل على الفرح والحبور كام يفعل اقرانه في الأشهر الأولى .
- لا يلفظ صوتني أو أكرث في الأشهر الثلاثة الأولى .
- لا يضحك في الغالب اثناء اللعب مع الأشياء خلال الأشهر الأولى كام يفعل أقرانه الآخرون .
- لا يعبر عن غضبه وانزعاجه بطرق أخرى غري البكاء كام يفعل أقرانه الآخرون.
- لا يبادر بإصدار أصوات لجذب إنتباه الآخرين ما قبل منتصف السنة الأولى كام يفعل أقرانه
الآخرون .
- لا يتحدث مع ألعابه والآخرين في نهاية السنة الأولى كام يفعل أقرانه الآخرون.
إن اضطراب اللغة التعبريية قد تكون ناتجة عن خلل أو اصابة الدماغ وغالبا ما يحدث النوع
الناميئ عند الأطفال ، أما النوع المكتسب فغالباً ما يحدث لدى الكبار .
وقد لا يؤشر القصور في اللغة التعبريية على تدين الذكاء بشكل قطعي إذ قد تحدث اضطرابات اللغة
التعبريية عند الأطفال ذوي الذكاء العادي .
وقد يكون الاضطراب في اللغة التعبريية نتيجة للقصور في الوظيفة العقلية كام تحدث عند الأطفال
المعاقني عقليا والأطفال المصابني بالتوحد .
وعادة ما يتجنب الأطفال الذين يعانون من قصورفي اللغة التعبريية الحديث مع الآخرين بالرغم من
أنهم يفهمون الكلام الذي يسمعونه إذ ميكن لطفل عمره سنتني أن يستجيب لأمرين مثـل اذهـب وافـتح
الباب ، لكنه لا يستطيع أن يسمي جزء من الجسم. وقـد يـؤثر القصـور في اللغـة التعبرييـة مـن مشـاركة
الطفل أقرانه ومواصلتهم اجتامعيا إذ أن بعض الألعاب تتطلب تعبريا لغويا ، وقد لا يقوى على فعل ذلك
وبالرغم من أن الكثري منهم ميتلك الكثري لقوله لكنهم لا يستطيعون ذلك الأمر الذي يؤثر بشكل
سلبي في وضعهم النفسي، لذلك قد يشعرون بالضغوط النفسية نتيجة للفشل والاحباط الذي يعانونه
بسبب عدم قدرتهم كأقرانهم في التعبري عن أنفسهم، كام أن هذه الحالة غريمرغوب فيها اجتامعيا لأن
الفرد كائن اجتامعي لا ميكن أن يعيش مبفرده بعيدا عن الآخرين .
يقول الشاعر أبو العلاء المعري في هذا الصدد
ولو أين حبيت الخلد فردا لما أحببت في الخلد انفرادا
أي اين لو رغبت أن أخلد في هذه الدنيا فأخلد مع الناس وليس وحدي على هذه المعمورة .
ومن خلال النظرة الاجتامعية للواقع المعاش نرى الناس يشعرون بالارتياح لمن ميتلك القدرة
اللفظية ويعبر عن آراءه و أفكاره وخصوصاً في مرحلة الطفولة، كام أن الآباء بشكل عام يفضلون أن
يصادق ابنهم الأطفال الذين ميتلكون اقتدارا لغويا لأن كثري من التعلم يحدث عن طريق التقليد
فصداقته لهم سريجع عليه بالفائدة لأن التقليد في الغالب يكون من هو بالمستوى أو الأعلى، فمن غري
المنطق أن يقلد طفل موهوب طفلا غبيا ، وامنا العكس صحيح .
وعندما يصل الطفل الذي يعاين من قصور في اللغة التعبريية إلى مرحلة الدراسة فإن ذلك
سيؤثر في التهجي واستخدام الكلام بشكل صحيح، وتركيب الجمل ، والكتابة. ورمبا يؤدي ذلك إلى
الانسحاب الاجتامعي، وقد يلاقي موقفا سلبيا من المعلم سواء كان ذلك بشكل صريح أو مستتر ، ولا
يفترض أن يكون ذلك الموقف انطلاقا من الوجهة التربوية ، ولكن واقع الحال المعاش يشري إلى ذلك .
ولابد من الإشارة إلى أن القصور في اللغة التعبريية ليس على درجة واحدة وإمنا درجات فهناك
البسيط والمتوسط والشديد ، فبعضها قد لا يكون ملاحظا حتى دخول الطفل المدرسة وخصوصا هناك
متطلبات مدرسية كالإجابة عن الأسئلة الصفية، وحكاية حدث معني أو قصة قصرية، أو تلخيص معلومات،
وتزداد المشكلة كلام تقدم في سنوات.
الدراسة لأن المتطلبات ستزداد فقد يتطلب الأمر الدخول في حلقة نقاش أو التعبري عن الآراء
الذاتية .
ويختلف التأثري في الفرد وفق متغريات عديدة أولها طبيعة وشدة القصور، تعامل المحيطني
بالفرد واتجاهاتهم نحوه ، واتجاه الفرد حول نفسه ونحو الاضطراب ، العمر الزمني إذ تختلف النظرة إلى
القصور في مرحلة الطفولة عن مرحلة المراهقة ، الحالة الثقافية والاجتامعية والاقتصادية للوالدين ، حجم
الأسرة ، الترتيب الميلادي .
ولابد من التنبيه أن هؤلاء الأطفال يحتاجون إلى رعاية خاصة من قبل البيت والمدرسة لأن
التعامل غري الصحي معهم قد يزيد من معاناتهم الأمر الذي قد يدفعهم إلى الهروب من المدرسة ، أو
اللجوء إلى السلوك العدواين، أو أي سلوك آخر غري مقبول اجتامعيا كتعبري عن الأنة الداخلية وكتنفيس
عن حالات الفشل والاحباط.
ويلعب الوالدان والمعلم الأساسي للطفل الدور المحوري في التخفيف من الحالة من خلال
التعامل السليم التربوي مستعينني بالمرشد المختص في مجال اضطرابات اللغة والكلام .
اضطراب اللغة الأستقبالية والتعبيرية معا :-
لا يمكن الفصل متاماً بني اللغة الاستقبالية عن اللغـة التعبرييـة إذ أن الطفـل الـذي لا يسـتطيع
فهم الكلام لا يستطيع أن يعبر بشكل سليم عن افكاره وآراءه وحاجاته. وغالبا ما تكون اضـطرابات اللغـة
الاستقبالية والتعبريية في مرحلة الطفولة وخصوصاً عندما تكون منائية، وقد تكون في كثري من الأحيان غـري
معروفة الأسباب، لذلك تجرى الدراسات الكثرية لمعرفة الأسباب التي تؤدي إلى ذلك ، هل هـي بايولوجيـة
أو بيئية ؟
أما إذا كانت مكتسبة فتكون في الغالب نتيجة لإصابة في الدماغ أو الورم أو الجلطة، وتحدث
هذه الحالة في أي عمر زمني ، ولا تقتصر على مرحلة الطفولة.
إن أعراض اضطرابات اللغة الاستقبالية والتعبريية ليست واحدة إذ قد تختلف من فرد إلى آخر
، وقد لا يعاين هولاء الأطفال من مشاكل في نطق الكلمات .
فقد يصعب على هؤلاء الأطفال تكوين جمل مترابطة المعاين، كام قد يصعب عليهم استخدام
القواعد بشكل سليم ، كام يعانون من صعوبة استدعاء الكلامت من الذاكرة ، ولا يستطيع هؤلاء الأفراد
التعبري عن آرائهم وأفكارهم وحاجاتهم كام يفعل أقرانهم الآخرون الذين هم بنفس أعامرهم . وقد
يجدون صعوبة في فهم الأسامء المجردة أو الجمل المعقدة أو المصطلحات الفراغية .
أما نسبة انتشار اضطرابات اللغة الاستقبالية والتعبريية فتكون (٥ (%لمرحلة ما قبل المدرسة،
و(٣ (%لمرحلة المدرسة. وقد ترافقها اضطرابات أخرى، فمثلا (٣٠-٤٠ (%من نسبة الأطفال ما قبل
المدرسة لديهم اضطرابات فونولوجية . كام أن هناك احتاملية عالية بوجود اضطراب نقص الانتباه
. (Sadock &Virginia,٢٠٠٠) (%٦٠-٣٠) بني ما نسبة تشكل وقد) Attention Deficiency Disorders)
نظريات نشأة اللغة:-
لا توجد نظرية واحدة يتفق عليها المختصون في هذا الجانب ، وإمنا اختلفوا في وجهات نظرهم حول
نشأة اللغة ، وفيام يلي أهم النظريات المتعلقة بنشأة اللغة:-
١ -النظرية التوقيفية :- يرى أصحاب هذه النظرية أن الله قد ألهم الانسـان اللغـة ، وأودع فيـه القـدرة
على التحدث ، وعلمه كيفية النطق، وتسمية الأسامء واللغة العربيـة هـي وحـي مـن عنـد الله فطـر
عليها نبينا اسامعيل لذ لك سميت كذلك نظرية الأصل الإلهـي. وأكـد افلاطـون (٤٢٧-٣٤٧ ق.م) كـام
يشري إلى ذلك مردان والساقي (١٩٩٠ (أن اللغة طبيعية وان الكلـامت وأصـواتها جـزء لا يتجـزأ مـن
المعنى .
وقد أيد هذه النظرية العامل اللغوي العريب (ابن فارس) في القـرن الرابـع الهجـري الـذي يـرى أن لغـة
العرب توقيف بدليل قوله تعالى " وعلم آدم الأسامء كلها " وقد عارض ذلك تلميذه ابن جنـي الـذي
يرى أن اللغة تواضع واصطلاح ، إذ فسر دلالة لفظة (علم) ب (أقدر) أي أعطاه القدرة عـلى وضـع
أسامء للموجودات، ويشري إلى قوله تعالى ( إن هي إلا أسامء سميتموها أنتم وآباءكم ما أنزل الله بهـا
من سلطان).
٢ -النظرية التواضعية أو الاصطلاحية :- وتفسر هذه النظرية أن اللغة مواضعة واتفاق بني النـاطقني بهـا.
فمثلا رأى الناس المكان المرتفع عن الأرض واطلقوا لفظة (جبـل)، ومشـت هـذه اللفظـة عـلى الأرض
المرتفعة ، وتبع ذلك بقية الناس الذين سمعوا ذلك، وليس هناك ارتباط جذري بني شكل الكلمة ومـا
تدل عليه أي معناها.
لقد أيد هذا الراي ارسطو الذي يرى أن اللغة لا توجد إلا بني البشر ، وإن اللغة هي جزء من النظـام
الطبيعي. ويعتقد الكاتب أن شكل الكلمة هو من صنع الأنسان ولكن المعنى واحد في أكرث مـن لغـة
أي المعنى الطبيعي واللفظ من صنع الانسان مثل الجبل، الشجرة، الخيار وغريها لهـا معنـى طبيعـي
في كل العامل لكنها تختلف في شكل الكلمة فالشجرة في اللغة العربية شكلها في اللغة الانكليزية Tree
لكن الفحوى واحد. و احتج أهل الاصطلاح من القرآن بقوله سبحانه وتعالى (وما أرسلنا من رسـول إلا
بلسان قومه) أي بلغتهم ، وهذا يعني تقدم اللغة عـلى بعثـة الرسـل، فلـو كانـت اللغـة توقيفيـة مل
يتصور ذلك إلا بالإرسال فيلزم الدور لأن الآية تدل على سبق اللغـات للإرسـال والتوقيـف يـدل عـلى
سبق الإرسال لها.
٣ -نظرية التعبري الطبيعي عن الانفعالات :- وترى هذه النظرية أن للانسان غريزة تحمله على التعبري
عن مدركاته الحسية والمعنوية ، وتؤدي بالانسان إلى القيام بحركات وأصوات خاصة مثل ما يظهر
عليه من إمياءات وقسامت وانبساط وانقباض .
ويمكن القول أن هذه النظرية لا ترقى أن تكون مبستوى النظريتني السابقتني مـن حيـث مـا تقدمـه
من حجج منطقية فهي لا تتطرق إلى الكلام مباشرة، وامنا إلى الأصوات والحركات التعبريية، وهي مـن
مفهوم اللغة الواسعة، لكنها ليست في صلب اللغة المنطوقة، وقد تصدر هذه الأصـوات أو الحركـات
عندما تعجز اللغة .
٤ - نظرية الرنني الطبيعي : وترى هذه النظرية أن الانسان ميتلك قدرة فطرية في جعل كل صوت أو
انطباع داخلي تعبريا داخلا سببه رنني محدد مسبقاً . وترى هذه النظرية مثلا أن صوت الغني يدل
على الاستتار والخفاء مثل ( غاب ، غار ، غمد ، غمض، غمط ، غرب، غلق ، غلف وهكذا ) ، ويشري
حرف (A (في اللغة الانكليزية إلى البعد والاتساع مثل (Large , Far) (الحمداين ، ١٩٨٢ . (
ولا يمكن قبول هذه النظرية لحجتها الضعيفة ، لأننا لا ميكن أن نعمم مثلا حرف (A (في اللغة
الانكليزية على كل اللغات في العامل .
٥ -نظرية محاكاة الأصوات الطبيعية :- وترى هـذه النظريـة أن اللغـة هـي تقليـد للأصـوات الطبيعيـة
المتنوعة التي سمعها الإنسان أول مرة . مثل خرير الماء ، زقزقة العصافري، صهيل الخيل ، زئري الأسـد ،
صرير الباب ، نباح الكلب. فنباح الكلب مثلا اتخذ رمزاً يعبر أو يدل على نفس الحيـوان . ولـو أردت
التعبري عن صفع المدرس للتلميذ تقول (طك أو طق ) محاكيا صـوت الكـف وهـو يصـطدم بصـفحة
الوجه ، كام يطلق نونو على القطة، وهوهو على الكلب. وقد تكون هذه النظريـة قـاصرة في تفسـري
نشأة اللغة لأنها محدودة بالأصوات الطبيعية ، ولا تغطي المفردات المجردة .
٦ -نظرية الاشارات والحركات اليدويـة :- تـرى هـذه النظريـة أن بدايـة اللغـة كانـت اشـارات يدويـة ،
وعندما توسعت الحياة أصبح الانسان بأمس الحاجة إلى استخدام الأصوات بدل الحركات .
نظريات اكتساب اللغة :-
تعتبر القدرة على اكتساب وتعلم اللغة من الخصائص التي متيز الكائن البشري، ومن خلالها يستطيع
اثبات ذاته والتعبري عن مشاعره وأحاسيسه، كـام يسـتطيع التعـرف مـن خلالهـا عـلى مشـاعر وأحاسـيس
واتجاهات الآخرين نحوه . ويبدأ الطفـل بطبيعـة الحـال فهـم لغـة الآخـرين الأكـبر منـه سـنا وخصوصـا
الراشدين ، ثم يستخدم هذه اللغة ، فالفهم هـي العمليـة الأولى وعمليـة اسـتخدام اللغـة هـي العمليـة
الثانية .
شهد منتصف القرن الماضي نقاشا كبريا حول اللغة وكيفية اكتسابها ، ومن أشهر النظريات المعاصرة
والشائعة التي ظهرت هي النظرية السلوكية ( Behaviorism ّ (والتي ترى أن اللغة تكتسب نتيجة
ٍ عوامل أو مؤثرات بيئية (Factors Environmental
أما النظرية الأخرى التي اهتمت بإكتساب اللغة فهـي النظريـة الفطريـة (Nativism(التـي تنظـر إلى
اللغة على أنها تكتسب نتيجة لعوامل فطرية تولد مع الفرد وتبقى معه طيلـة حياتـه، وهـي موجـودة في
داخله .
وهناك نظرية ثالثة تجمع بني النظريتني هي النظرية التفاعلية (Theory Interactionist ( والتي ترى
أن اكتساب اللغة نتيجة للتفاعل بني البيئة والوراثة . وسوف نتطرق إلى أشهر نظريات اكتساب اللغة
العنوان السلوكية:-
لقد ظهرت دراسات كثرية تعلقت في كيفية اكتساب اللغة ، حيث ركزت كثري منها على أن اللغة
ظاهرة سلوكية اجتامعية قابلة للملاحظة . لذلك فقد اعتمدت النظريات السلوكية على المنهج التجريبي
المخبرى الذي يعد ردا على منهج الاستبطان الذي كان سائدا قدميا والذي ميثل علم النفس التقليدي .
وتؤكد النظريات السلوكية على أن اللغة سلوكا اجتامعيا يتعلمه الطفل عن طريق التعزيز
والاقتران، فام ينطبق على اكتساب السلوكات الأخرى ينطبق على اللغة، أي أن اللغة سلوكاً مكتسبا عن
طريق التعلم وليس كياناً مستقلا بذاته . ويؤمن سكرن بأن اللغة.
هي نوع من أنواع السلوكات التي يتعلمها الطفل ، وقد ينجز متتاليات صوتية منها ما هو صائب
وما هو خاطئ ، وعن طريق التعزيز للاستجابات الصائبة يختار الصائب ويترك الخاطئ .
لقد أعد واطسون (Watson (الـذي ميثـل الكلاسـيكية التقليديـة اللغـة شـكلا مـن أشـكال السـلوك
الملاحظ يكتسبها الفرد عن طريق الاشـتراط كأيـة عـادة اجتامعيـة، وقـد اعتـبر سـكرن (Skinner (في كتابـه
السلوك اللفظي عام (١٩٥٧ (اللغة مجموعة من ردود الأفعال ، أو استجابات محددات لمؤثرات خارجية
معينة وبصورة مقبولة لدى الإنسان، ويتم ترسيخها عن طريق الثواب والتعزيز من خلال المحيطني به .
ويذكر سكرن (Skinner (في كتابه السابق المثال الآيت في كيفية حدوث الكلام عند الطفل، كانت طفلة
تصدر أ صوات مناغاة بسعادة وهي في مهدها، وكان من بني الأصوات مـا...مـا...مـا.. وعنـدما سـمعت الأم
هذا الصوت ، هرعت إلى إبنتها بشغف كبري ، وقالت لها وهي مبتسمة ابتسـامة عريضـة انـت تنـاديني ،
وتريدين التحدث لي، بينام مل يكن لـدى الطفلـة أي فكـرة عـام تعنيـه الأم ، ولكـن الطفلـة أدركـت متامـا
إستجابة الأم للصوت ما... ما.. وكيف حصلت من تفاعل دافئ مع الأم فكانت نتائج تكرار ذلـك الصـوت
مفرح للغاية ، هذا مام جعل الطفلة تكرر هذه اللفظة لتحصل على المكافأة والثواب مـن الأم مـن خـلال
حضنها أوتقبيلها أو ضمها إلى صدرها، وهكذا تعلمت الطفلة لفظة ماما . وقد تدرك الطفلة أنـه لا يوجـد
فرد آخر غري الأم ميكن أ ن يعززها عندما تنطق بهذه اللفظـة. ّ إن هـذا تجسـيداً لنظريـة سـكرن في الـتعلم
الاجرايئ والتي تتلخص بأن النتائج إذا كانت مفرحة مييل ذلك السلوك إلى التكرار ، أمـا إذا كانـت النتـائج
مؤلمة فلا مييل ذلك السلوك إلى التكرار.
ويشري سكرن( Skinner (إلى طرائق يتم من خلالها تشجيع الطفل لتكرار الكلام هي:
قد يستخدم الطفل استجابات ترددية من خلال محاكاته لأصوات الأفراد الآخرين، ويعزز بشكل
فوري لذلك الفعل. وتتمثل بنوع من الطلب حيث يبدأ كصوت عشوايئ ، وينتهي الأمر بإرتباط هذا
الصوت مبعنى لدى الآخرين .
- وتتم عن طريق الاستجابة المقننة، إذ يقوم الطفل بإستجابات لفظية عن طريق المحاكاة عند وجود
شيئ ما .
ويعتقد سكرن كذلك أن بناء اللغة يتكون عـن طريـق التشـكيل التـدريجي مـن السـهل إلى الصـعب
حيث يبدأ الطفل بالأصوات فالمقاطع ثم الكلمات والجمل. ويعد التشكيل (Shaping (من اشهر تطبيقات
نظريته المتمثلة بالاشراط الإجرايئ (Conditioning Operant).
وقد يحدث التعميم عندما يتعلم الطفل اللفظة في بداية تعلمه ، وإطلاقها على كل شيئ شبيه مبا
تعلمه ، فمثلا إذا تعلم الطفل كلمة (كلب) من خلال عملية تعزيز، فأنه ميكن أن يطلقها على كل حيوان
ميشي على أربعة أرجل ، لكن عندما يعزز الطفل فقط عند الاستخدام الصحيح ، سيميز أن لفظة (كلب)
هي التي يعزز من خلالها. وميكن التحكم باللغة التي يكتسبها الأطفال من خلال عملية التعزيز .
مــــا نظريــــة الــــتعلم الكلاســــييك التــــي ارتبطــــت بالعــــامل الــــروسي ايفــــان بــــافلوف
(Pavlov Ivan (التي ترى أن الطفل يتعلم الكلامت من خلال عملية الارتباط .
فلو فرضنا أن الطفل الصغري ذهب ومسك المدفأة واحترقت يده فهو يسـحبها بسرـعة، لـذلك تكـون
المدفأة مثري طبيعي (غري شرطي ) وتكون استجابته طبيعية وهي سحب اليد بسرعة . ولنفرض أن الطفـل
حاول مسك المدفأة ، وصرخت الأم به قائلة له نار، لكن التحذير جاء متـأخرا، ففـي هـذه الحالـة سـريبط
هذه الكلمة بالاستجابة الطبيعية غري المباشرة ، لذلك سيتمثل الطفل هذه الكلمة من خـلال ارتباطهـا مبـا
حدث له. كذلك عندما يكتسب الطفل لفظة ماما التي تعد مثري شرطيا لارتباطه بأفعـال الأم التـي تـؤدي
إلى إرتياح الطفل كإعطاءه الحليب الذي يعد مثري طبيعـي ( غـري شرطـي ) ونتيجـة إرتبـاط لفظـة مامـا (
المثري الشرطي) يكتسب الطفل لفظة ماما
وعندما يقترن مثري بصري ( مثري طبيعي ) مبثري سمعي (مثري مشروط )الذي هو أسم الشيء ، ونتيجة
للإقتران سيستجيب الطفل للمثري السمعي ( المشروط) كاستجابته للمثري البصري (المثري الطبيعي أو غري
المشروط) ، وبهذا يكتسب الطفل اللغة وفق هذه النظرية.
نظرية التعلم الأجتماعي:-
ارتبطت هذه النظرية بعامل النفس بندورا (Bandura (والتي تفسر اكتساب اللغة عن طريق
التقليد والمحاكاة ، لذلك يتعلم الطفل اللغة التي يتكلم بها آباؤه ، ويقلد اللهجة ذاتها التي يستخدمونها
، أي أنهم يقلدون ما يسمعون ، فإذا كانت اللغة عربية تعلمها الطفل من خلال التقليد والمحاكاة
وكذلك بقية اللغات .
ولابد من الإشارة إلى أن نظرية التعلم الاجتامعي تتلخص في كون الفرد له ميل غريزي لتقليد
الآخرين حتى لو مل يستلم أي مكافأة أو ثواب (الظاهر , ٢٠٠٤
ويستطيع الطفل وفق هذه النظرية اكتساب اللغة من خلال عملية التقليد والمحاكاة للكبار .
فعندما ينطق الكبار المفردات يقلدها الصغار ، ويستمرون في تكرارها وخصوصاً تلك التي تدخل في
مجال خبرتهم ، اي الأشياء التي يألفو نها المرتبطة بشكل أساسي بحواسهم. ويبدأ الطفل بإختصار الجمل
التي يقلدها من الأشخاص المهمني في حياته ، فإذا قالت الأم سأمشي في الحديقة ، يقولها الطفل أمشي
حديقة ، حيث يحذف في البداية في الغالب أل التعريف وحروف الجر . ويكون دور الآباء هو إعادة
الجملة بشكل كامل ليك يكررها الطفل ، فإذا قال الطفل ماما تفاحة ، تقولها الأم ماما تأكل التفاحة.
إن التقليد يلعب دورا مهام في اكتساب النحو، وهو يشكل العملية الوسطى إكتساب النحو العملية الأولى
فهم الشكل النحوي لكلامت الكبار ، وتأيت العملية الثانية تقليد هذا الشكل النحوي ، أما العملية الثالثة
هي استخدام الشكل النحوي في جملهم الخاصة بهم .
النظرية التفاعلية:-
ترتبط هذه النظرية مع أحد طلاب بافلوف (Pavlov (وهو فيجوتسـيك(Vygotsky (الـذي يـرى أن
تعلم اللغة هي نتيجة للتفاعل الاجتامعي وهي لا تتقاطع مع النظرية السلوكية أو النظرية الفطريـة لأن
النظرية السلوكية المعاصرة بالرغم من أنها تؤكد عـلى البيئـة مـن خـلال التفاعـل الاجتامعـي الـذي يعـد
الأساس في اكتساب اللغة ، لكنها لا ترفض دور الوراثة في السلوك الانساني .
ويرى فيجوتسيك (١٩٧٨,Vegotsky ّ " (إن أي عمل يتعلق بتطور الطفل الثقافي يظهـر مـرتني: ً مـرة
على المستوى الاجتامعي Interpsychological ، وأخـرى عـلى المسـتوى الفـردي في نفسـية الطفـل وداخلـه
(Intrapsychlogical ."(ومن هنا يتبني دور الأقران في منو وتطور الطفل وخصوصا إذا أختري الأقـران بشـكل
صحيح .
النظريات الفطرية :-
جاءت النظرية الفطرية كرد على المدرسة السلوكية التي تعتقد أن الطفل يولد وذهنـه صـفحة
بيضاء ، ويكتسب اللغة عن طريق ردود الأفعال المنعكسة ، ويتعلم اللغة مثل أي عادة يتعلمها.
أما النظرية الفطرية ورائدها نعوم جامسيك (Chomsky (فقد رفضت النظرية السلوكية. ويـرى
النظرية السلوكية بأنها آلية لأنها تنظر إلى الإنسـان وكأ نـه حاسـب آلي تـتم تغذيتـه بكلـامت (مـدخلات)
ويعاد انتاجها (مخرجات) ، ويعتقد أن هذه النظرة مكبلة للغة في حني يراهـا جامسـيك مهـارة مفتوحـة
النهايات . لذلك يرى جامسيك أن المثري والاستجابة لا تكفـي لتفسـري امكانـات الطفـل في اسـتخدام اللغـة
وفهمها .
قد زعم جامسيك أن اللغة الكلامية قدرة فطرية مخلوقة لدى الفرد ، وهي قدرة خلاقة تعمل
بنظام في خلق اللغة والكلام حيث أن الطفل يولد وعنده مـن سـاعة ولادتـه قـدرة في اكتسـاب لغـة الأم،
وعندما يستوعب الطفل القواعد المختلفة التـي تعتمـد عليهـا اللغـة، تتكـون عنـده القـدرة عـلى الخلـق
والابتكار ، أي القدرة على تركيب الجمل المختلفة
التي يريدها في الوقت والظرف المناسبني ، دون أن يكـون بالضرـورة قـد سـمع تلـك الجمـل أو
حفظها ممن حوله ( مردان والساقي ،١٩٨٢ .(
ولقد وصف جامسيك (١٩٧٥ ,Chomsky (القدرة الفطرية لدماغ الإ نسان بأنها شبيهة بالصندوق
الأسود (Box Black ، (ويرى أنها ضرورية لفهم القواعد القياسية للكـلام ، ولفهـم العلاقـات الأساسـية بـني
الكلامت ، وقد أطلـق عليهـا أداة اكتسـاب اللغـة(Device Acquisition Language (وهـذه الأداة (القـدرة)
تعمل بشكل آلي. ويرى أن الكلام الذي يسمعه الطفل يدخل هذه الأداة التي تقوم على معالجـة وتحليـل
كل ما يدخلها من كلام ، ونتيجة لذلك يجمع الطفل وبإسـتمرار وبشـكل لا شـعوري الأفكـار مـع قواعـد
اللغة ، ومن خلال هذه القدرة العصبية التوليدية يستطيع الطفل إنتاج اللغـة وفهمهـا ، وبنـاء قواعـدها،
وإنتاج كلام نحوي ملا ئم بالاعتامد على نضج اللحاء المخي.
يتبني من خلال ما سبق أن النظرية ترى اللغة معقدة جدا ، وليس كام ترى نظريات التعلم من
أن الطفل يكتسب اللغة على أساس مبادئ التعلم البسيط من خلال الارتباطات بني الكلامت والأشياء أو
الأحداث مطبقا اشكال التعزيز لتقوية هذه الا رتباطات .
يرى براون (١٩٨٧,Brown (في هذا الصدد أن الأطفال يولـدون ولـديهم القـدرة الفطريـة لـتعلم
اللغة، وهذه القدرة موجودة لدى أفراد الكائن البشري . لذلك نجد الطفل يكتسـب اللغـة بشـكل سريـع
فالسنوات الخمـس الأولى ليسـت كالسـنوات الخمـس التاليـة في التطـو ر اللغـوي، كـذلك الحـال بالنسـبة
للسنوات الأخرى . فهو يكتسب اللغة خلال الخمس او الست سنوات الأولى، وإذا مل يحقق ذلـك، فأنـه لا
يستطيع اكتساب اللغة بقواعدها وأصولها في الأعامر اللاحقة ، وخري دليل على ذلك الطفـل فكتـور الـذي
وجد في غابة أفريسون الفرنسية من قبل الصيادين، وأخذه ايتـادر مـدير معهـد الصـم والـبكم في بـاريس،
وعمل معه خمس سنوات لكنه مل يفلح في تعليمه اللغة ، كام هو الحال بالنسبة للآخرين الـذين أتيحـت
لهم فرص اكتساب اللغة الأم . لأن الفطرة غري كافية لإكتساب اللغة ما مل تكن هناك بيئة تتحدث اللغـة ،
ويستعملها بحيث يحدث شكلا من التلاقي
بني الفطـري واللغـة الأم المسـتخدمة في البيئـة التـي يكـون فيهـا . فالطفـل في أغلـب الأحيـان
يستوعب البنى الأساسية للغتـه وإدراك العلاقـات الوظيفيـة الأساسـية القامئـة بـني الكلـامت في الجمـل ،
ويصبح له القدرة على الكلام وهو في سن السادسة من عمره، وقد تكون هناك فروق فردية حسب العمر
العقــــــلي للطفــــــل هــــــل هــــــو أعــــــلى مــــــن عمــــــره الزمنــــــي أو أقــــــل منــــــه
اضافة إلى متغريات أخرى كالحالة الاجتامعية والاقتصادية والثقافية وأساليب التربية وغريها.
ويرى الكاتب أن للطفل استعدادا فطرياً لإكتساب اللغة ، والبيئة المعاشة هي المحـرك الأسـاسي
لهذا الاستعداد ، وبدونها لا ميكن أن يستثمر هذا الاستعداد .
النظريات المعرفية:-
تركز هذه النظريات دور العمليات العقلية الداخلية ودور السلوك الخارجي حيث تهدف إلى
تفسري كيفية حدوث المعرفة، وكيف تصبح ميكانيكية أو تلقائية، وكيف تختلط المعرفة الجديدة وتدخل
في نظام التعلم المعرفي أليس(١٩٩٨,Ellis.).
إن هذه النظرية ترى أن إكتساب اللغة يجـب أن ينظـر إليـه ضـمن التطـور العقـلي للطفـل .
فالبنى اللغوية تنشأ فقط إذا كانت هناك قاعدة معرفية.
وتعد نظرية بياجيه (Piageat (مـن أهـم النظريـات المعرفيـة التـي فسرـت النمـو المعـرفي عنـد
الأطفال و التي رفضت مبادئ النظرية الفطرية و نظرية التعلم والاكتساب القامئـة عـلى التقليـد ، إذ يعـد
اللغة عمل ابداعي أما التقليد فهو هامشي .
لقد فسر بياجية التغريات التي تحدث على إدراك الأفراد وأساليب التفكري لديهم عـبر مراحـل
النمو المتعددة . ويعتقد أن النمو اللغوي يرتبط إرتباطا وثيقا بالتطور المعرفي من خـلال تطـور العمليـات
العقلية لديهم .
يختلف بياجية وجامسيك في تصور طبيعة البنية المعرفية إذ يرى الأول أن البنى المعرفيـة عامـة
مرتبطة بأساس بيولوجي ، أنها بنية مخصصة لإكتساب اللغة التـي تعـد الوظيفـة البشرـية النوعيـة . أمـا
الثاين (جامسيك ) فريى أن هناك بنى خاصة بالاكتسابات اللغوية وفطريتها مرتبطة بالطابع الوحيد للغـة
. (Ammar,٢٠٠٢) .

إرسال تعليق